لدي أخت كاتبة...حفظها الله...
ولديها الكثير من الكتابات الرائعة...احببت أن أعرض لكم جزء منها...
فلم أجد أنسب من هذا...لأنه كان يتحدث عن المعاناة التي أصابت البلد في بداية ثورتنا المجيدة...
كتبتها بعنوان (يوميات السابع عشر من فبراير..)
وبعد اذنها طبعا...احضرت لكم ثلاث صفحات منها...
تفضلوا...
اعتدت أن اكتب عن مجازر الشعب الفلسطيني التي بدأت بالكتابة عنها منذ كنت في التاسعة من عمري وقد كنت شغوفة جدا بها لا اذكر تلك القصائد جيدا لكنني اذكر شيء عن جنزير دبابة وأطفال ..اعتقد أنهم كانوا تحتها... بقدر ما يبدو ذلك بشعا كان غير حقيقي واللوم في ذلك يقع علي والدي... كان يمنعني من مشاهدة الأفلام و طبعا تلك المشاهد التي كانت تعرضها نشرات الأخبار تندرج تحت بند أفلام رعب لذلك اضطر لأن أتخيل ما يحدث حقا هناك مستوحية ذلك من بعض المشاهد التي كنت ألمحها خلسة و أصوات الصراخ من الناس و الأطفال الصادرة من التلفاز ....
أنا لا أذكرها لكن أذكر السخرية علي وجه مدرساتي عندما يقرأن موضوع التعبير خاصتي في الحصة... فمهما كان الموضوع ...العيد ,الربيع, الصلاة, كنت انجح بطريقة ما في تحويله إلي القضية الفلسطينية ..في ذاك الوقت لم يكن لدي أدنى شك أن في يوم من الأيام سأكتب عن حرب في بلدي الحبيب وهذه المرة هناك بالفعل جنازير دبابات و أطفال تحتها .. لتفهموا ما اعني سأبدأ من البداية سأحكي لكم عن ثورة السابع عشر من فبراير من وجهة نظري .. بدأ الأمر في ليلة الثلاثاء كنا نشاهد الأخبار في مزرعتنا التي تبعد عن بنغازي ستين كيلو متر في البداية كانت لقطات فيديو غير واضحة تعرض علي قناة الجزيرة لشخص يدور بين شوارع بنغازي صارخ بحنق "يا بنغازي إرجالك وين... قتلولك ألف وميتين" في تلك الأيام رغم الحقد الذي كان يجب أن قناة الجزيرة تكنه لليبيا و الليبيين بسبب بعض المظاهرات التي خرجت في ربوع بلدنا الحبيب تندد بقناة الجزيرة كانت هي القناة الوحيدة التي تابعت أحداث ليبيا منذ البداية ,في البداية لم نعره اهتمام لكن اليوم التالي استيقظنا علي مشاهد مريعة لجثث و إصابات تعرض في التلفاز لأحداث في ليبيا لم نصدق ..لم نتحمل أن نصدق أن هناك شيء كهذا يقع في أرضنا وعلي أخوتنا الليبيين و ما زاد الأمر سوء إذ قلبنا القناة علي محطة الليبية أو الشبابية الأمور طبيعيه ,الأمن مستتب ,الأغاني و الرقص تملئ الشاشات..لم ننم تلك الليلة تجمدنا أمام التلفاز نبحث بين المحطات عن أخبار لليبيا و كنت أحدث أهلي عبر الهاتف الذين كانوا يقيمون في بنغازي بحي الزيتون بالقرب من كتيبة الفضيل بو عمر بينما أنا أعيش مع جدتي.
عندما عرضوا لأول مرة عدد الشهداء ..اذكر أن كل من بالغرفة صرخ بحنق "ثمانية شهداء ببنغازي و عشر بالبيضاء يا الهي .." ثم بدأ العدد يرتفع إلي أن وصل إلي خمس و عشرين و ما خفي كان أعظم و مشاهد الدم و القتل و بين كل مشاهد جثامين رجالنا الشجعان كان هناك جثمان لطفل رضيع في تلك اللحظة عندما رأيت ذاك المشاهد البشع ..انفطر قلبي ,,,,و تسللت الدموع لمقلتي لأول مرة منذ بداية الإحداث بكيت ..كنا نسهر نشاهد الأخبار حتى أذان الفجر ثم نصلي ونأخذ قسط من الراحة ..لنستيقظ بعد ثلاث ساعة علي نشرات الأخبار لطالما توقعت ذلك إن نتعرض لاحتلال....تخيلت الغارة الجوية تسقط منزلنا وتدمر شوارعنا تخيلت جنود يزحفون ليحرقوا الأخضر و اليابس لكن ما لم أتوقعه قط أن يكون الاحتلال من قائدنا ملك ملوك أفريقيا بابا كما كن ندعوه في ذك الوقت ..و أي أب ذاك الذي يذبح أبنائه!... اعتقد انه تبع خط ذاك الذي ذبح أبنائه قائلا "عصافير في الجنة ولا....في الأرض"..!..
توالت الأحداث وارتفع عدد الشهداء وزادت بشاعة الجرائم و أين هو العقيد معمر القذافي من كل هذا؟,لا أحد يعرف.. انتظرنا و انتظرنا ثم خرج علينا أخيرا ,لم أكن أتوقع الكثير منه لكن اقل ما توقعته هو أن يترحم علي أروح الشهداء و يعتذر علي بشاعة الأحداث ,,لكن ما فعله هو أن خرج صارخ "من انتم,,سأزحف عليكم دار دار و زنقه زنقه ,,معي الملايين و مش من الداخل" كان الأكبر من صدمتنا خيبة الأمل وليس منه فلم أكن أتوقع الكثير كما قلت بل فينا,الشعب الليبي تركنا طاغية كهذا يحكمنا اثنان وأربعون عام طوال... وعرفت في تلك اللحظة أننا ندفع الضريبة...
ضريبة صمت عسير و صبر مرير وما كنا نتحمله ليس صبر بل ذل.... لهذا عندما خرج الشعب يطالب بالإصلاح جن جنونه و أطلاق سراح كلابه المسعورة,ملايينه التي مش من الداخل, مرتزقته..علي الشباب الأحرار..تمتم مصدوما"كيف لهم أن يرفعوا عيونهم في عظمتي وجلالتي ويطالبوا بمالي و مال أولادي,ماذا إذا تكدست أموالي و أصولي بالمليارات في البنوك بالخارج بعد أن نفذت من إعطائي لقبائل أفريقيا ما يفيض بينما الشعب يرضي لنفسه أكل الحرام ليعيش وان يكن ..ألست ملك ملوك أفريقيا أليس النفط من حقي,ومن حقي وحدي.."ثم احذ يعلل اصل ثورة السابع عشر من فبراير بأنه من الحبوب المهلوسة ..ثم انقلب إلي القاعدة ليعود مجدداً إلي الحبوب المهلوسة ويتعهد بمعالجة كل المدمنين ثم عاد إلي القاعدة ليصبح أسامه بن لادن تاجر مخدرات,,حقا ما التالي الفضائيين ..الفضائيين غسلوا أدمغتهم...
وبينما الشعب الليبي يتقلب علي جمر ويلات الحرب الظالمة كم توعد به مجنون مجانين أفريقيا خرج علينا ابنه يشير بإصبعه في وجوهنا مهدد و متوعد بان ننسي شيء اسمه نفط وشيء اسمه غاز وان تشتعل الحرب القبلية ...أحزر ماذا يا سيف الجاهلية ..نحن لا نحصل علي شيء منه النفط لننسي أمره في المقام الأول أما بالنسبة للغاز... بالنسبة لدولة غنية به و متوفر بكميات قليلة و أسعار غالية ,,أن حجتك اغبي و اضعف من أن ينظر لها بعين الاعتبار أم بالنسبة للحروب الأهلية..أحزر ماذا؟
الشعب الليبي كان قد وصل للحضيض قبل الثورة حرفيا ..وصل للحضيض ..القتل علي أتفه سبب ,الكذب ,قروض الربا,السرقة,البنية التحتية نجهل حتى ما هي,حوادث السيارة,أما بعد الثورة انقلب حال الشعب وسبحان مغير الأحوال عاد الشعب الليبي إلي الأصل الحقيقي إلي ما كان عليها أجداد المجاهدون عاد الكرم و النخوة والمحبة بين أفراد الشعب استقبلوا من في المنطقة الشرقية العائلات اللاجئة من إجدابيا و البريقه وتعاونون لتمر هذه الأزمة بخير إن شاء الله,تعاون الشباب في الجبهة علي القتال وفي المدن علي تنظيفها,من دون أي مقابل استيقظت الوطنية في قلوبهم واشتعلت غيرتهم علي تراب الوطن الغالي
منقول....